بدأ ديل بوسكي المباراة بطريقة 4-3-3، ثلاث لاعبين في الوسط مع التخلي عن فكرة اللعب بثنائي محوري بعد اصابة ألونسو قبل البطولة. ألبا، راموس، بيكيه، أربيلوا. وفي الوسط بوسكيتس، تشابي، انيستا. أما في الهجوم فبيدرو علي اليمين، سيلفا علي اليسار، وتوريس مهاجم صريح بدلا" من سولدادو .
برانديلي فاجيء الجميع باللعب بطريقة 3-4-2-1، البدأ بثلاثي دفاعي Back Three، كيليني وبونوتشي وبارزالي. ثنائي ارتكاز مكون من بيرلو ودي روسي. طرفي ملعب، جياكيريني علي اليسار وماجيو علي اليمين. كاندريفا وماركيزيو في الوسط الهجومي، وجيلاردينو وحيدا في الأمام .
قبل بداية المباراة وبعد معرفة تشكيلة الفريقين، توقع الجميع أن تهاجم أسبانيا وتدافع ايطاليا، مباراة ستكون بين فريق يلعب للأمام واخر متقوقع أمام مرماه في انتظار الفرج، سيناريو أقرب لأول 75 دقيقة في مباراة البرازيل والأدزوري، لكن كل شيء تغير، شوط أول ايطالي بامتياز، وأسبانيا كانت في الانعاش .
لماذا تفوق الطليان في كل شيء خلال البداية ؟ وكيف تراجع أداء الماتدور بهذا الشكل ؟
لقد فاجئتني يا برانديلي، أعترف أنك خدعتني وخدعت الجميع ! لعب المدرب الايطالي بثلاثي دفاعي Back Three وتخلص أخيرا من مثلث الوسط الذي لعب به معظم مباريات الدورة، واكتفي بالثنائي دي روسي - بيرلو في منطقة الوسط، مع اعطاء حرية كاملة لكلا من جياكيريني، ماجيو. أما في الأمام فوجود جيلاردينو القابع دوما" في الصندوق أعطي مزيدا من الانطلاق لكاندريفا وماركيزيو .
غياب بالوتيلي ساهم في تنفس لاعبي الوسط القادمين من الخلف، ماركيزيو ظهر بمستوي مغاير لما قدمه طوال البطولة بينما كاندريفا كان أحد نجوم المباراة. دافع المنتخب الايطالي بتسع لاعبين، " خماسي خلفي + ثنائي محوري + لاعبين وسط هجوم " بينما عند الهجوم وصل بست لاعبين دفعة واحدة، " جياكيرني وماجيو علي الأطراف + دي روسي من العمق + كاندريفا وماركيزيو خلف جيلاردينو " .
زيادة الكتلة العددية في الوسط خنق لاعبي الماتدور، تشابي عاد كثيرا الي العمق الدفاعي لاستلام الكرة بينما حاول انيستا بمفرده في الأمام. المشكلة ليست في صناعة اللعب بالنسبة للاسبان ولكن في قلة التحرك أمام مرمي الأدزوري، انيستا وتشابي كانا يستلمان الكرة ولا يوجد أي لاعب في وضعية جيدة أمام دفاع الخصم. سيلفا لاعب تقل خطورته كثيرا عندما ينتظر الكرة بالاضافة الي أن ريتم ونسق اللقاء يعتبر أسرع منه لذلك ظهر بصورة سيئة .
الأدزوري لأول مرة يتألق في المرتدات السريعة، الهجوم الخاطف يحتاج الي لياقة بدنية قاسية واندفاع غير عادي. نجح الطليان في مباغتة الأسبان بتلك الطريقة، ضغط في الوسط مع اغلاق مساحات وعند الحصول علي الكرة، نجد جياكيريني في اليسار وماجيو في اليمين، مع انطلاقات رائعة من دي روسي وكاندريفا بينما يتحول ماركيزيو الي اللعب كمهاجم ثاني خلف جيلا .
مستوي سيلفا السيء وتقدم ألبا الغير محسوب ساهم في وجود عدة فرص للأزرق، أما جياكريني فاستفاد من تراجع أربيلوا الغريب أمام دفاعه، المنتخب الايطالي نجح بامتياز في فتح الأطراف مع عمق هجومي فعال، هاجم من كل ركن بالملعب لكن براعة كاسياس وسوء الحظ أنقذوا الأسبان من التأخر في النتيجة خلال الشوط الأول .
اصابة بارزالي وخروجه أجبرت برانديلي علي الدفع بمونتوليفو في الوسط وتراجع دي روسي الي الدفاع، تغيير قلل من فعالية وسط الأدزوري، المستر اكس لاعب رائع لكنه يتشابه في أسلوبه مع بيرلو عكس دي روسي الذي يعطي الوسط سرعة وخفة أكثر، افتقد الأزرق الارتكاز الذي يتحول في ثواني من الدفاع الي الهجوم مما جعل وسط الماتدور يتحرك بحرية وراحة أكبر حتي أصبحنا نشاهد بوسكيتس يتقدم الي الأمام ليساعد تشابي في صناعة اللعب .
ديل بوسكي لم يقف يشاهد فقط، أخرج سيلفا البعيد عن المباراة واشرك نافاس. مباراة الأمس تحتاج الي أجنحة تجيد اللعب علي الخط، سيلفا رأس ماله التحول من الأطراف الي العمق أما نافاس فسرعته تؤهله الي لعب دور الجناح الكلاسيكي الذي ينطلق في انتظار الكرة. تغيير أعطي التفوق للمنتخب الأسباني، وأجبر جياكيريني علي التمركز في الخلف من أجل ايقاف المكوك الأندلسي وبالطبع ارتاح أربيلوا ولو قليلا من الضغط .
لعب نافاس علي اليمين وانتقل بيدرو الي الجناح الأيسر، بيدرو لاعب مهم لأي مدرب، لا يهاجم فقط بل يدافع أيضا، عاد لمساندة ألبا ضد جبهة الأدزوري الصاروخية، ألبا وبيدرو في مواجهة ماجيو وكاندريفا. توازنت المباراة ولم تسعف اللياقة البدنية منتخب ايطاليا، من الصعب بل المستحيل أن تلعب لمدة 90 دقيقة بهذا الضغط الذي شاهدناه خلال الشوط الأول. استحوذ الماتدور علي الكرة وفتح الأطراف واكتفي الطليان باغلاق مناطقهم والاعتماد علي المرتدات والكرات الثابتة .
لاعب مثل انيستا كفيل بترجيح كفة فريقه، المنتخب الايطالي فعل ما عليه لكنه افتقد الي فنان بقيمة أندريس، لاعب يصنع الفارق ويجيد المرواغة والتمرير في اضيق المساحات. أعتقد بأن أسبانيا ستتحول الي فريق عادي اذا غاب انيستا عن الصفوف خصوصا" في تلك الفترة. الجميع ينظر في الملعب ثم يمرر الي انيستا، انيستا يستلم ويراوغ ويسدد أو يمرر، لاعب من الزمن الجميل .
تفوق المنتخب الأسباني بوضوح في الاشواط الاضافية، دخول ماتا ومارتينيز ساهم في زيادة الفعالية الهجومية. خوان ماتا أجبر كاندريفا علي العودة الي مناطقه ومساندة ماجيو، أما مفاجئة ديل بوسكي فكانت اللعب بخافي مارتينيز كمهاجم وهمي False 9. الباسكي قوي بدنيا وساهم في فتح مساحات لانيستا وماتا ونافاس .
في المقابل، جيوفينكو لم يضف جديد، بالعكس وجود جيلاردينو أجبر راموس وبيكيه علي التمركز في الخلف لكن بعد خروجه، تحرر المدافعان وتقدما الي الأمام لمساندة زملائهم. هاجم الماتدور بكل قوته في الأشواط الاضافية، أضاع عدة فرص للتهديف، أسبانيا استحقت التسجيل في الاضافي كما استحقت ايطاليا خلال الشوط الأول، لكن في النهاية انتهت المباراة بالتعادل السلبي .
ضربات الجزاء كانت مثالية جدا للاعبين، 7 ضربات في مرمي بوفون، 6 في مرمي كاسياس، وواحدة فوق العارضة. ركلة كاندريفا سنشاهدها مرات ومرات. مباراة في مجملها أكثر من رائعة، أفضل من نهائي يورو 2012، النهائي الحلم في متناول الجميع، البرازيل Vs أسبانيا، في الانتظار .
0 comments:
إرسال تعليق