رحل مانشيني أخيرا، المدرب الايطالي الذي تحول الي بطل تاريخي بعد فوز السكان الأصليين لمدينة مانشستر بلقب الدوري الانجليزي خلال الموسم قبل الماضي. انجاز عظيم يُحسب للرجل ومساعديه لكن سرعان ما تبدلت الأحوال وفشل روبرتو في قيادة لاعبيه، مشاكل بالجملة بينه وبين النجوم، رحيل بالوتيلي الي ميلان بعد خلاف معه، انخفاض مستوي الفريق وخروجه المبكر للعام الثاني علي التوالي من منافسات الشامبيونز .
بعد سلسلة الهزائم المتتالية بدوري المجموعات الأوروبي، احتل الفريق مركز رابع. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فاز العدو اللدود مان يونيتد بلقب الدوري وبكل سهولة، ثم جاءت الطامة الكبري، ضياع لقب الكأس أمام ويجان المتواضع في مفاجئة هزت أركان ملعب ويمبلي الجديد. انهاء العلاقة بين السيتي ومانشي أفضل نهاية ممكنة للطرفين .
وجد ملاك السيتي ضالتهم في فلول ادارة برشلونة السابقة التي هربت من جحيم ساندرو روسيل. فران سوريانو الرجل الاقتصادي الخبير بالأمور المالية، وتشيكي بجرستين لاعب دريم تيم 92 والمدير الرياضي الشهير لبارسا في حقبة جوان لابورتا. يتمتع الثنائي بخبرة كبيرة علي صعيد الادارة الكروية، سنوات من النجاح داخل كاتلونيا يتمني الشيخ منصور تكرارها في بلاد الانجليز .
خلفية اختيار بيلجريني تاريخية، الثنائي أرادا الرجل بعد رحيل ريكارد في 2008. هنا تدخل العراب يوهان كرويف وأقنع الادارة البرشلونية بضرورة التعاقد مع بيب جوارديولا. الخيارات كانت محصورة بين بيلجريني ومورينيو، معسكر تشيكي وسوريانو اختار بيلي بينما المعسكر الاخر بقيادة مارك أنجلا نائب لابورتا السابق أراد البرتغالي .
في النهاية، حسم يوهان الأمور وأصر علي استقدام أعظم مفاجئة في تاريخ اللعبة، جاء بيب جوارديولا الي برشلونة وبعد سنة من توليه المهمة، تقلد بيليجريني تدريب فريق العاصمة الاسبانية مدريد. لعبت الصدفة دورا كبيرا في تحول مصير التشيلي من كاتلونيا الي مدريد .
بدأ بيلجريني تاريخه التدريبي الحقيقي مع ريفر بلات في الأرجنتين، حقق الرجل نتائج طيبة مستفيدا من مهارات الفتي المدلل وقتها في بلاد التانجو، ديليساندرو لوبيز. يجيد مانويل مع اللاعب المهاري الفنان، يستفيد منه الي أقصي درجة ممكنة وينجح في تحويل قدراته الفردية الي طاقة ايجابية يستفيد منها أداء الفريق الجماعي .
فعلها مع ديلساندرو وكررها مع ريكلمي اثناء تجربته القوية في فياريال. استطاع بيلجيرني بناء خطة كاملة علي أكتاف صانع اللعب الأرجنتيني، بالمناسبة ريكلمي هو النسخة الأخيرة من صناع اللعب القدامي أو كما يُعرفوا باسم The Old Style 10، اللاعب الذي يقف خلف المهاجمين ويوزع الهدايا متقمصا شخصية بابا نويل كرة القدم .
هنا في مباراة سيمي فينال شامبيونز 2006 أمام أرسنال، يدعم بيلجريني فريقه بثنائي ارتكاز " هولدينج ميدفيلدر " هما تاكيناردي وسينا. سورين الجناح الذي يدخل في العمق " One Wide Mid " لكي يعطي حرية الحركة الي خوان رامون. هنا ريكلمي يلعب خلفه لاعبين والي جواه لاعب ثالث، ينطلق كيفما يشاء، يراوغ ويمرر ويسدد ويصل الي منطقة الجزاء .
بيلجريني فاجيء العالم وقتها بتلك التشكيلة الرائعة، عندما يعمل الفريق كل ما في وسعه من أجل خدمة لاعب، ليس حبا في هذا اللاعب بل حتي يكون قادرا علي افادة فريقه بشكل أفضل. مهارته ورؤيته داخل الملعب وصلت بالغواصات الي نصف نهائي دوري الأبطال، ولولا ضياع ضربة الجزاء الشهيرة لشاهدنا نهائي أسباني خالص، برشلونة وفياريال 2006 .
بعد رحيل ريكلمي، اكتشف بيلجريني جوهرة جديدة، سانتي كاثورلا. الجناح الرائع الذي أضاف الي فياريال رونق خاص، لاعب مهاري ويملك فكر كروي راقي، سريع في تفكيره وقوي في أدائه. نجح فياريال في وضع اسمه كأحد الأربعة الكبار في الليجا لعدة سنوات متتالية. مانويل ينجح من جديد علي الرغم من غياب خوان رامون .
وحتي بعد انتهاء تجربة التشيلي مع فياريال وانتقاله الي ملجا، أخذ معه كاثورلا ايضا الي ناديه الجديد. سانتي واصل أدائه الجيد، الجناح الهجومي الذي يتحول لصانع لعب ومحرك لكل فريق ملجا. تحول ملجا من مجرد نادي صغير الي مجموعة تنافس بقوة علي المراكز المؤهلة لدوري الأبطال، ونجح المغامر اللاتيني في الوصول الي مراده أخيرا .
هنا قوة فياريال بيلجريني، لاعبو الأجنحة يتحولون الي عمق الوسط أثناء الهجمة، فيما يأخذ الثنائي الهجومي مكان علي الأطراف. سانتي كاثورلا لاعب الوينج نراه دائما في خط الوسط، يستلم الكرة، يراوغ ويمرر، يسدد ويسجل. هكذا هي الكرة الحديثة، لا يوجد تقيد بالمراكز، واللاعب الكبير هو القادر علي أداء أكثر من دور خلال المباراة الواحدة .
المفاجئة السعيدة بعد ذهاب كاثورلا الي ارسنال كانت ايسكو. لاعب الوسط الشاب الذي حوله بيلجريني الي نجم كبير. ايسكو لاعب أقرب الي الارتكاز المساند أو الـ deep lying، يساند لاعب المحور الدفاعي ويقوم بأدوار هجومية. مع بيلجريني تحول ايسكو الي ضابط ايقاع الفريق الأندلسي ونجمه الرئيسي .
هنا يتواجد ايسكو " رقم 22 " كـجناح أيسر، لكن عند الهجوم، يتحرك المهاجم الصريح رقم 10 في عمق دفاعات الخصم، خواكين رقم 7 يتحول الي الجناح الأيمن. ويظهر ايسكو ليصبح بلاي ميكر وجناح في نفس الوقت، يعطي الفرصة للظهير من أجل التقدم بينما يري هو الملعب بشكل أوضح. يستطيع وقتها أن يسدد أو يرمي الكرة الي لاعبي الأطراف أو المهاجم الرئيسي .
.jpg)
انتهي المطاف بالنسبة لبيليجريني في السيتي، حيث دافيد سيلفا الجناح الفنان وصانع اللعب عند الحاجة. اللاعب الاسباني يعتبر خير اضافة لأفكار المدرب التشيلي، نجم دولي وخبرة كبيرة مع منتخب أسبانيا، يعرفه مانويل جيدا خصوصا أن سيلفا قضي عدة سنوات رائعة مع فالنسيا بالليجا الاسبانية .
دافيد سيلفا هو الرجل الذي سيضع بيليجريني خطته عليه، جناح يملك رؤية رائعة، يأتي دوما بألعاب غير متوقعة، يجيد الدخول في العمق وتولي مهام صناعة اللعب وايصال الفرص الي زملائه. يتفوق علي كاثورلا في الجودة الفنية المزودة بموهبة خالصة، كذلك أكثر خبرة ودراية من ايسكو، وأسرع حتما من ريكلمي في التحول الهجومي الخاطف .
المغامرة لن تكون سهلة علي الاطلاق، لكن بيليجريني سعيد الحظ بتواجد لاعب مثل سيلفا في صفوف فريقه الجديد. مع بعض التدعيمات خصوصا في مركز المهاجم الصريح - هناك كلام حول كافاني - وتزويد الدفاع بأسماء جديدة - ماتيا ناستاسيتش له مستقبل كبير داخل النادي - .
يتبقي فقط البرستيج الأخير، الاضافة التي تمكن الفريق من الحصول علي بطولة بعد سد الثغرات الخلفية. يبقي ايسكو هو الحل السحري لتعويض سمير نصري صاحب المستوي المتذبذب والقريب من الرحيل. بسيلفا وايسكو وهذا الوسط الصلب، السيتي مع بيلجيريني قادر علي فعل شيء هذا الموسم .
0 comments:
إرسال تعليق