انتهت العلاقة بين ريال مدريد ومورينيو، ثلاث سنوات والمحصلة بطولة دوري وحيدة وكأس يتيم، خيبة الأمل كانت عنوان تلك الحقبة. خرج بيريز الي وسائل الاعلام وأعلن انهاء التعاقد مع البرتغالي بالتراضي بين الطرفين، المو الذي قام بتجديد عقده الصيف الماضي حتي 2016، واجه موسم صعب للغاية عكس كل التوقعات. الخسارة في نهائي الكوبا ديل ريه أمام أتليتكو مدريد عجلت بالوداع الأخير .
طرحت الصحافة بالاستناد الي مصادرها الخاصة عدة أسماء، كارلو أنشيلوتي في المقدمة ومن بعده يوب هاينكس، هناك تقارير أشارت الي خيارات أخري كخواكيم لوف ومايكل لاودرب. المقربين من ادارة الملكي أكدوا أن الاسم الأول حتي الان هو الايطالي أنشيلوتي، مدرب سان جيرمان يريد الرحيل من أجل تدريب الريال.
التكهنات الأخيرة أوضحت أن اسم زين الدين زيدان مطروح أيضا اذا فشلت عملية التعاقد مع أنشيلوتي بسبب ادارة باريس سان جيرمان. النادي الفرنسي المدعم بأموال قطرية متمسك للغاية بكارلو ولا يريد أن يتركه مهما كان الثمن .
في 2001 وأثناء الولاية الأولي لمانويل جوزيه مع الأهلي المصري، الساحر البرتغالي قاد الفريق الي بطولة دوري الابطال الأفريقي وخسر الدوري في المراحل الأخيرة. فقدان البطولة المحلية لم يعجب الادارة الأهلاوية ورحل مانويل بعيدا عن قلعة الجزيرة قبل أن يعود من جديد ليصنع المجد. جوزيه كان له تصريح لن ينسي بعد خسارة الدوري أمام الاسماعيلي في اخر أسبوع، " يعطوني أقلام رصاص ثم يطلبون مني رسم لوحة بالألوان ". الرجل فهم اللعبة في ولايته الثانية وطالب بتدعيم شامل قبل أن يقود الفريق .
الايطالي فابيو كابيلو مر بنفس تجربة جوزيه 2001 مع ريال مدريد في 2007، المدرب الكبير قاد الريال بمجموعة من الأسماء الشابة، واجه منافس يضم نجوم كبار كايتو ورونالدينيو وديكو. جاء مدريد من بعيد حتي فاز باللقب المحلي في الثواني القاتلة. الحصول علي البطولة المحلية لم يكن كافيا لبقاء كابيلو، خرجت الاصوات تطالب برحيله والسبب ليس العاشرة فقط، بل سوء الأداء الفني وغياب اللمحة الجمالية .
كابيلو بعد خروجه عندما سئل عن تجربته الثانية في أسبانيا، قال أن مدريد يريدون أداء مثل البارسا. التيكي تاكا واللعب الجمالي البديع أصبح يمثل هوس لدي ادارة النادي الملكي وجماهيره. لكنهم تناسوا، أن برشلونة يتمتع بتقاليد كروية خاصة، فلفسة وأسلوب لعب من أيام رينوس ميتشليز وبعده كرويف. لا تطلبوا مني أن أعيد التاريخ في سنة أو اثنين أو حتي ثلاث .
أتوقع أن أتشيلوتي هو الاقرب لقيادة مدريد خصوصا مع تصريحاته المتكررة برغبته في تولي أمور النادي الابيض ومطالبته بالرحيل من باريس. أنشيلوتي الحاصل علي بطولتي دوري أبطال مع الميلان خلال ثماني سنوات. مدرب لم يحصل الا علي لقب دوري واحد أثناء قيادته للروسونيري، خاض فترة قصيرة مع تشيلسي وحصل علي الدوري المحلي لكنه رحل بعد ذلك وانتهي به المطاف في باريس، حصل علي البطولة الفرنسية وخرج من ربع نهائي الأبطال أمام برشلونة .
المدرب المعروف بطريقة شجرة عيد الميلاد 4-3-2-1 أجاد كثيرا في دوري الأبطال. لكنه من النوعية البعيدة تماما عن الابتكار، مدرب يفوز بهدوء ويخسر أيضا بنفس الهدوء. غير مبتكر بالشكل الكافي لكنه لن يفتعل مشاكل مع الاعلام والنجوم كما كان الحال مع مورينيو، وتلك النقطة يقدرها مسئولي الريال كثيرا .
كارلو يملك سجل سيء في منافسات الدوري المحلي لكن ادارة مدريد وجماهيره يريدون دوري الأبطال، حاول مورينيو وصول الي قبل النهائي ثلاث مرات لكن الخروج ظل الشبح الذي يطارده. ربما ينجح أنشيلوتي في كسر النحس والصعود الي الفينال الحلم،
ويبقي سؤال هام، هل الريال يريد الحصول علي الأبطال أم يريد صناعة جيل لا يُنسي من سجلات التاريخ ؟ اذا كانت الاجابة، المهم الفوز فمن الطبيعي أن يكون الايطالي هو الخيار المفضل، لكن اذا كان الغرض تكوين مشروع كروي يسيطر علي كرة القدم الأوروبية لسنوات، فأتشيلوتي حتما خارج المعادلة وقتها .
رجل تقليدي جدا، اختياراته بعد مرحلة ميلان كانت خاطئة سواء تشيلسي أو باريس سان جيرمان، والدليل أنه يريد الخروج بعد موسم واحد فقط قضاه في فرنسا. طريقة مورينيو في الحرب الاعلامية أفادته في ايطاليا وانجلترا لكنها أضرته في أسبانيا حيث أن الأجواء مختلفة وهناك عوامل أخري تتحكم في الأمور.
اذن نسبة نجاح أنشيلوتي واردة وممكنة للغاية خصوصا في السنوات الأولي، لكن علي المستوي البعيد، الأمر جدا صعب والريال سيظل يعاني من مشروع كروي أجوف، يفوز لفترات قليلة ثم يعاود الهبوط .
يقولون أن المخاطرة نصف النجاح، وربما كلها. لاودرب خيار مطروح لكنه بعيد الي حد ما، اللاعب المبدع مع برشلونة ثم الريال قدم نفسه في عالم التدريب مع خيتافي في الليجا ثم سوانزي سيتي في البريمير. مدرب شاب يملك فكر مختلف واسلوب هجومي واضح، طريقة لعبه مناسبة الي حد كبير لرغبات وأمال جمهور الريال وأجواء الليجا .
مايكل يعرف البيت المدريدي جيدا، لاعب عرفته الملاعب الاسبانية مع الغريمين، مغامر ومنطلق، مواصفات تناسب الطموح الملكي. الريال قام بتجربة جميع الأسماء، كابيلو، شوستر، خواندي راموس، كابيلو،بيليجريني، وأخيرا مورينيو، وما زال الحلم نحو الشامبيونز مستمر. نادي العاصمة عليه أن يفكر في اسم يحاول لم شمل الفريق أولا قبل التفكير في دوري الأبطال، هنا الجانب الأهم .
برشلونة عندما تولي بيب تدريبه، وعد الجماهير والصحافة بتكوين فريق قوي، لم يقل أن هدفه الفوز بالبطولات، الألقاب تأتي عندما تحاول، الريال دائما يريد السهل، مدرب كبير وأسماء جاهزة لكن لا توجد فلفسة موحدة للنادي ولا رؤية ثابتة يُبني من خلالها مشروع الفريق. البارسا نجح بالصبر أولا، الريال يفتقد تلك الأمور .
لذلك مايكل لاودرب يعتبر خيار جدير بالتفكير، السبيشيل وان نجح في تحويل الريال الي فريق فائز لكنه فشل في الحصول علي المراد، بسبب تفاصيل صغيرة جدا، لكنها عملاقة خصوصا داخل نادي العاصمة، نجوم الفريق دائما في اسبانيا يحتاجون الي معاملة خاصة، ليس المقصود هنا الاستهتار بل أسلوب اقرب الي طريقة قيادة ديل بوسكي مع مدريد قديما والمنتخب الاسباني حاليا، هناك شعرة لا بد من الحفاظ عليها حتي لا يدمر الاعلام كل شيء .
تجربة بيليجريني كانت تحتاج فرصة أكبر لكن بيريز لم يصبر علي المدرب رغم عروض الفريق المميزة خلال تلك الفترة، لاودرب صاحب مبدأ في كرة القدم ويجيد اللعب الي الأمام مثل بيلي، يتميز أيضا بخبرته بشئون النادي والليجا، الريال حصل علي الشامبيونز مرتين بقيادة مدير فني من أبناء النادي، فيستني ديل بوسكي .
مسئولي مدريد عليهم التفكير أولا في صنع شكل خاص للفريق، قبل شراء نجوم، عليهم اختيار مدرب يضع الأساس لفكرة ستستمر لسنوات قادمة حتي بعد رحيله. الفريق المدريدي يفتقد الهوية داخل الملعب وخارجه، كابيلو وضع يده علي المشكلة من قبل لكن الادارة لم تفهم كلامه بالشكل الصحيح أو لم تهتم به .
الموهوب الدنماركي يجمع بين متعة بيليجريني وواقعية ديل بوسكي، يريد تحقيق انجاز أكبر، جوارديولا في بارسا والان بايرن، كونتي في يوفنتوس، ديشامب مع منتخب فرنسا، لاودرب أقدم من هؤلاء ويستحق فرصة حقيقية لاثبات قدراته التدريبية مع نادي كبير. الريال أعطي فرصة لجميع المدارس المختلفة ولم ينجح، لماذا لا يفكر في نجاح طويل الأجل بدلا من الحلول المسكنة، لاودرب هو الحل، أعطوه فرصة .
جميع الدلائل السابقة أكدت أن أكبر نجاح لريال مدريد كان مع ديل بوسكي، بطولتين دوري أبطال. ومع بيلجريني كان الفريق يلعب كرة قدم ممتعة، في مباراة الكامب نو هاجم حتي النهاية، عوامل صغيرة حولت الكفة لبارسا يومها. مورينيو هو الاخر جعل الفريق ماكينة في المرتدات واللعب السريع المباشر لكن بقيت هناك حلقة مفقودة. مانشستر، برشلونة، بايرن، حصلوا علي البطولة بالمبادرة الهجومية وليس اللعب الخاطف .
دورتموند حاول وفشل خلال الموسم الماضي، تشيلسي وانتر نجحا في ذلك. الريال عليه أن يختار الطريقة التي يجب أن يفوز بها، اما علي شاكلة الفريق المرشح دائما، أو الفريق المغامر المفاجيء. أعتقد بأن الجواب معروف، ريال مدريد فريق عظيم ولا يرضي الا بلعب دور البطل، من البداية الي النهاية .
0 comments:
إرسال تعليق