• اخر الاخبار

    الاثنين، 1 يوليو 2013

    قصتي مع صديقي المكتئب، والسير أليكس فيرجسون !



    " اليأس خيانة " عبارة يرفعها شباب صنعوا ثورة تحدث عنها العالم لكنها لم تحقق المراد حتي الان، هناك من استمر في طريقه أملا في نهاية سعيدة، والبعض أنهي حلمه واكتفي بمشاهدة الأحداث دون تعليق. يقولون أن المخلص فقط هو المعرض للاكتئاب نظرا لتعصبه الشديد في الاقتناع بالفكرة والسعي نحو تحقيقها.
    مقدمة عن قصة شاب فقد الأمل في كل شيء حوله، من رموز الي أصدقاء مرورا بجميع الأحداث اليومية. الأمر بالنسبة له تطور من مجرد ندم واحباط الي الشعور بعقدة سوء الطالع. هو ليس وحده بل هناك كثيرين مثله، فقدان الثقة في كل التابوهات التي تتحول بمرور الوقت الي أصنام وتماثيل لا فائدة منها .
    أنظر حولك و ستري تلك المكنونات في شخصية صديقك, أخوك, زميلك. الاكتئاب أصبح أسلوب حياه، لا يوجد مستحيل وكل ليل له نهار لكن المشكلة أنك قريب من الدائرة بل داخلها وتعلم جيدا أن المشكلة تكمن في القلوب قبل العقول، الفشل ينتقل من اجهاض ثورة شاركت فيها الي حياتك الخاصة التي لم تعد حتي مثل الماضي .
    الخوف يطاردك حتي في أحلامك، لا تستطيع أن تعود الي أحوالك القديمة ولا تتحمل مزيدا من الصدمات المتعاقبة، هنا تكمن المشكلة فالمصالح الشخصية اصبحت طاغية ومجرد اثباتك لنفسك يتطلب مجهود وعمل يصل الي حد المستحيل .

    كانت تلك الكلمات هي فضفضة نفسية حكاها لي أحد أصدقائي المقربين، بالمناسبة هذا الشخص لا يحب كرة القدم كثيرا لكنه تأثر بما حوله من أخبار حول اعتزال أليكس فيرجسون أسطورة مانشستر التدريب. صديقي المكتئب سألني عن هذا الرجل وأهميته في كرة القدم ولماذا توجد حوله كل تلك الهالة الاعلامية !؟
    الأمر في النهاية مجرد لعبة ورياضي مثل غيره قد تركها، كان رأيه في كرة القدم هكذا وأنها لا تستحق كل تلك الضجة والتركيز. لم أجادله كثيرا فحوله من مشاكل كفيلة بشغل تفكيره لكني بدأت أحدثه عن مجموعة مواقف تخص السير أليكس، بالحقيقة كان غرضي اقناعه بأهمية كرة القدم قبل اثبات عظمة المدرب الكبير .

    حكيت له في البداية عن قصة السير مع فريق أبيردين الاسكتلندي، هذا الفريق المتواضع والغير معروف أوروبيا بشكل كبير. الرجل حاول الحصول علي بطولة أوروبية مع أبيردين، تميمة فيرجي الناجحة مع لاعبيه في كل مباراة بالبطولة، العبوا كأنكم تواجهون ريال مدريد. فاز أبيردين علي كل المنافسين بما فيهم بايرن ميونخ ووصل الي النهائي ليواجه العملاق المدريدي فعلا ! أليكس تحدث مع فريقه قبل المباراة وقال لهم، الحيلة التي استخدمتها انتهت وأنتم الان تواجهون مدريد، لن أضيف شيء اخر، عليكم أن تستمتعوا .
    قدم الفريق الاسكتلندي مباراة العمر يوم 11 مايو 1983 وفاز أبيردين علي الريال بهدفين مقابل هدف بعد وقت اضافي. المدرب الكبير حول الحلم الي بذرة صغيرة قابلة للنمو، اعتني به واهتم بكيفية الحفاظ عليه، نجح في بث الثقة داخل نفوس لاعبيه. اذا أردت المستحيل من شخص، حاول أن تقنعه بنفسه، انت أملك وحلمك، انت فقط.
    أنت فقط المسئول عن صنع حظك، فيرجسون وضع تلك الفكرة في قلوب لاعبيه. فريق عادي وبسيط استطاع هزيمة عملاق أوروبي في اللعبة. عليك يا صديقي ألا تفقد الأمل في ذاتك، من الممكن أن تدرك ضعف من حولك لكن كل انسان فينا بداخله قوة، كما وجدها فيرجي مع لاعبين مغمورين، ابحث عنها وستجدها حتما داخلك .

    الحديث أخذ بعدا اخر، لاحظت في عينيه اهتمام بعد أن كانت اللا مبالاة السمة الغالبة. بدأت في سرد بعض محطات أليكس فيرجسون مع مانشستر يونيتد. تولي السير تدريب النادي الانجليزي عام 1986، بدأ مع مجموعة مميزة من اللاعبين لكن مشاكلهم وعدم انضباطهم عوامل أثرت كثيرا علي البداية الجديدة .
    اشتري فيرجسون مجموعة من اللاعبين لكن الأمور لم تتعدل كثيرا، الفريق يفشل موسم بعد اخر في الحصول علي البطولة المحلية، وصل الحال أحيانا بالمانيو الي المركز الثالث عشر بالدوري. الصحافة شنت هجوم كبير علي فيرجسون وطالبته بالرحيل، الرجل صمم علي المحاولة وعدم اليأس، طور من أدواته واستخدمها جيدا، تحدي الجميع بأنه سيفوز بالدوري خلال الموسم المقبل .
    جاء الموسم الجديد ونافس الفريق لكنه حصل علي المركز الثاني، واصل الحلم وتمسك بالخيال، ما سر قوة هذا الشخص ؟ قالها صديقي باستغراب فأجبته باصرار، انها الروح يا عزيزي، الايمان بأنك قادر علي النجاح، حاول وفشل ثم حاول من جديد وفشل واستمر علي هذا المنوال حتي سنة 1993 عندما قاد اليونيتد أخيرا الي بطولة الدوري الانجليزي بعد غياب استمر عقود .

    تغيرت ملامح المستمع ودخل معي علي نفس الخط أخيرا، أبدي اعجابه الشديد بالرجل وحماسه وحلمه، تحمست أنا ايضا وواصلت الحديث وكأني محامي السير، تكلمت عن رحيل نجومه الحاصلين علي لقب الدوري المنتظر، وضع الرجل كامل ثقته في الجيل الجديد، لاعبين شبان أمثال كين وسكولز وبيكام، من الوارد ألا تعرف هؤلاء لكنك بكل تأكيد سمعت عن ديفيد بيكام النجم الكبير .
    عندما يكون طموح الجماهير الحصول علي بطولة دوري، ويأتي بها فيرجسون ويصمم علي مواصلة النجاح حتي الحصول علي ثلاثية تاريخية عام 1999، أليكس فيرجسون أصبح سير، أعلي لقب بريطاني في التاريخ. تحول فيرجي من مدرب علي حافة الاقالة الي أسطورة لن تنساها انجلترا بأسرها .
    درس اخر يقدمه المدرب الشهير الي المحبطين أمثالنا، عندما تصل الي بداية النجاح، لا تقف وعليك أن تستمر وتواصل حتي المجد. المجد للأحرار الثابتين علي الأفكار، والفخر لكل شخص يري الحياة وسيلة لفعل شيء مختلف يذكرك به التاريخ .

    واصل الرجل مسيرته لمدة 26 عام، طموحه لم ينقص بل زاد. من الممكن أن تنجح وتصل الي القمة لكن من الصعب للغاية أن تستمر في نجاحك. قليلون يصلون الي لقب أسطورة وأليكس فيرجسون واحد منهم. شعرت بسعادة كبيرة بعد تلك الجملة، ليس بسبب حديثي عن الرجل بل للاهتمام الذي رأيته من صديقي .
    الأمل من المقدسات، الأحوال صعبة للغاية والمصالح غالبة والحياة أصبحت غير عادلة. لكن علينا المحاولة وعدم التوقف واذا لم نجد نموذج كروي أو سياسي أو حتي ديني محلي نحتذي به، فعلينا أن نأخذ من فيرجسون وأمثاله العظة والعبرة، واصلوا الحلم .
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصتي مع صديقي المكتئب، والسير أليكس فيرجسون ! Rating: 5 Reviewed By: كوتشو
    إلى الأعلى