" اعرف لاعبيك، قيم مستواهم، نقاط ضعفهم ومصادر قوتهم، ثم ضع التكتيك الذي يناسبك والطريقة التي تفوز بها،" قاعدة مهمة يتبعها العديد من المدربين في كرة القدم هذه الأيام. هي فكرة منبثقة من المقولة الشهيرة، " الغاية تبرر الوسيلة " لذلك عادت بعض الفرق من جديد الي طريقة 3-5-2، اليوفي والانتر ونابولي مادزاري ومنتخب ايطاليا وفرق أخري خصوصاً في الدوري الايطالي .
3-5-2 الحالية لا تختلف كثيراً عن 3-5-2 القديمة، الان ثلاث مدافعين علي خط واحد أما في الماضي فكان هناك لاعب ليبرو مع ثنائي دفاعي، كذلك تركيبة الوسط تختلف من فترة الي أخري، في الماضي لاعب ارتكاز صريح وثنائي يميل الي الأطراف، أما الان فالثلاثي يلعب أكثر في عمق الملعب . وبالنسبة لتمركز المهاجمين، لم يعد هناك مجال لتواجد ثنائي علي خط واحد بل أصبح الغالب مهاجم في الأمام وأخر متحرك بحرية في الملعب .
الفكرة قديماً بدأت مع المدرب الأرجنتيني بيلاردو في 1984، اللعب بثلاث مدافعين وخماسي في الوسط وثنائي هجومي. هاجمته الصحافة وقتها لكنه قال بأنه علي حق، من الصعب أن تلاعب الأوروبيين بمهاجم واحد، ووجود لاعب اضافي في الوسط يعطي الحرية الكاملة لدييجو أرماندو مارادونا في الهجوم. 4-3-1-2 تحولت الي 3-5-2 أو 3-5-1-1 .
بيكنباور الفائز بكأس العالم مع الألمان في 1974 بطريقة لعب أقرب الي 1-3-1-3-2 باللعب بالليبرو القديم الذي ينطلق الي الأمام ويقدم الاضافة الهجومية. درب القيصر ألمانيا الغربية في 86 وفي النهائي لعبوا بليبرو صريح مع ثنائي دفاعي، بالاضافة الي لاعبي ارتكاز ولاعبين علي الأطراف، صانع لعب وثنائي هجومي، مسمي أقرب الي 3-4-1-2 المجاورة الي 3-5-2 .
عادت الخطة خلال السنوات الأخيرة مع الطليان، برانديلي في العديد من مباريات يورو 2012 وقارات 2013، بالاضافة الي الفرق الايطالية كيوفنتوس وانتر وأندية أخري. وجود وفرة في عدد المدافعين بالاضافة الي ندرة الأجنحة الهجومية، عوامل أجبرت المدربين علي التحول من جديد الي 3-5-2 مع بعض التعديلات. يوفنتوس لعب خلال موسم 2011-2012 بطريقة اقرب الي 4-3-3، في الدفاع كانت تتحول الي 4-4-1-1 بعودة بيبي كلاعب وسط رابع وفي الهجوم 3-1-3-3 بتقدم ليشتيشتانير الي الهجوم وصعود بيبي الي الرواق الأيمن .
انتر هذا الموسم مع مادزاري يعيد الكرة من جديد، جوارين وتايدر وكامبياسو في الوسط مع ناجاموتو وجوناثان علي الأطراف، ريكاردو ألفاريز وبالاسيو في الهجوم. نابولي الموسم المضي أيضاً لعب بهذه الطريقة حينما رحل لافيتزي وتحول هامسيك الجناح مهاجم ثاني خلف كافاني. والان اليوفنتوس بموسم جديد يلعب نفس الطريقة، باستثناء دخول تيفيز خلف المهاجم الصريح سواء كان كوالياريلا أو يورينتي أو البقية .
لماذا نقول " كفاية " لـ 3-5-2 !؟
- اذا قلنا أن طريقة 4-4-3 و 4-2-3-1 تعطي انتشار مميز داخل الملعب فان استراتيجية 3-5-2 لا تمتاز بالأريحية الكبيرة والانتشار الكامل، وجود ثلاثي في الوسط تتوزع مهامه بين الوسط والأطراف يسبب مزيداً من المتاعب للاعبي الفريق .
- الحاجة الي أطراف أقرب الي الماكينات أو الألات، لأنك تحتاج لاعب يصعد الي الأمام ويعود الي الخلف، سرعة غير عادية وقوة بدنية جبارة، وبالطبع هذه الشروط أقرب الي المستحيل .
- كرة القدم أصبحت تهتم بادارة خصائص الفرد، اللعبة صارت أكثر تعقيداً، هناك أكثر من لاعب في كل مركز، وكل مركز في التكتيك له واجباته وأهميته، وبالتالي فكرة تغطية الهجوم والدفاع علي الأطراف بلاعب واحد فقط أصبحت صعبة للغاية أمام فرق تلعب باثنين وثلاثة علي الأجناب .
- الصعوبة الكبيرة حينما تواجه فريق يضغط بشكل متقدم ويطبق سياسة الـ Counter Pressing أي الضغط من منتصف الملعب مع تطبيق مرتدة سريعة حينما يحصل علي الكرة. وبالتالي فريق 3-5-2 يجد نفسه في وضع أقرب الي الحصار، ثلاث لاعبين في الوسط يواجهون فريق كامل بمفردهم .
- حينما تواجه فريق يضم مهاجم قوي أو لاعب وسط سريع فانهما يقومان بتضييق الخناق علي لاعب الوسط الممرر في 3-5-2 وبالتالي فصله عن الفريق، لذلك حينما يواجه اليوفنتوس فريق قوي في الضغط، تجد بيرلو في وضعية يحسد عليها ويعود فيدال أو ماركيزيو الي الخلف مضطرين من أجل معاونة الريجستا الايطالية .
- الترابط بين الثنائي الهجومي يكون صعب، مهاجم ثابت وأخر متحرك يتحول الي الأطراف من أجل سد العجز ويعود الي الوسط لحيازة السيطرة والاستحواذ علي الكرة، لذلك يكون هناك صعوبة كبيرة في الربط الهجومي بتركيبات متنوعة .
- المعاناة الكبيرة حينما تواجه فريق يضم أجنحة قادرة علي المراوغة والدخول الي العمق، اللاعب الذي يتحرك بين الخطوط Between Lines player يلعب في الفراغ الموجود خلف الأظهرة المتقدمة .
- اذا عادت الأظهرة الي الخلف للمساندة الدفاعية، يصبح الضغط أكبر علي لاعبي الوسط، هنا تكون التمريرات بين المدافعين عرضية فقط، وأقرب الي الملل، تمرير خلفي بدون أي انطلاق الي الأمام .
جوسيه ألبرتو كورتيس، أستاذ التدريب بجامعة ساو باولو يقول حول 3-5-2، أن كرة القدم الان سريعة وتعتمد أكثر علي الانطلاقات والحركة، لذلك اللعب بالـ Wing Backs يسبب لهم مشاكل بدنية كبيرة طوال التسعين دقيقة. وفي القديم الفرق كانت تلعب بثنائي هجومي، الان معظم الفرق تلعب بمهاجم واحد وهناك فرق تلعب بدون مهاجم، لذلك أصبحت الحاجة الي تواجد ثلاث مدافعين في الخلف أمر غير ضروري .
يوهان كرويف، صانع أمجاد أجاكس في السبعينات وبرشلونة في التسعينات، يؤكد هو الأخر أن القوة في السنوات الأخيرة في صالح لاعبي الأطراف، السطوة انتقلت الي النجوم القادرين علي اللعب في مراكز الأجنحة والتحول الي الهجوم. طريقة 3-5-2 تقتل الأجنحة تماماً وتسبب قليلاً من التوازن داخل تكتيك الفريق .
نيلسينهو بابيستا، مدرب برازيلي شهير وأستاذ في تدريب كرة القدم، يتخيل مباراة بين فريق A يلعب بـ 3-5-2 أمام فريق B يلعب بـ 4-3-3 أو 4-5-1. الفريق B يهاجم يعود الـ Wing Backs الي الخلف للدفاع، خمس لاعبين أمام ثلاثة، لكن في الوسط يصبح الصراع اقرب الي 3 أمام 3. الميزة لـ 3-5-2 أمام 4-4-2 القديمة انتهت اذن . لأن وقتها اللعب بثنائي هجومي كان يحتاج ثلاث مدافعين، بالاضافة الي وجود ثنائي الأطراف مع ثلاثي الوسط ليصبح 5 لاعبين أمام أربعة، هذا في الماضي الذي انتهي بسقوط 4-4-2 ودخول طرق أخري كـ 4-2-3-1، 4-5-1، والثابت دوماً تكتيك 4-3-3 .
خلاصة الكلام، هل 3-5-2 أصبحت طريقة ميتة ؟ الاجابة ستكون لا وأكبر دليل أن اليوفي تفوق في ايطاليا بهذه الطريقة، وايطاليا نجحت الي حد ما مع برانديلي بها، لكنها في النهاية ستظل خطة طواريء وطريقة أقرب الي الـ Plan B ومن الصعب جدا أن تصبح تكتيك نموذجي لفرق أخري، مجرد استراتيجية يُستفاد منها لفترة ومن ثم نسيانها. تكتيك لا يعيش ومن الصعب أن نعتبرها فلسفة كروية أو مبادرة للخروج بعيداً عن المألوف .