بدأ الأتزوري المباراة بطريقة 4-3-3 صريحة، لا تعديل أو تحريك في الخطوط. تغيير بسيط باشراك أكويلاني مكان ماريكزيو البعيد تماما عن أجواء البطولة. كذلك اللعب بجناح نابولي ماجيو محل أباتي لمزيد من الفعالية علي الجبهة اليمني المعطلة تماما منذ مباراة المكسيك .
العجيب في الامر أن أكويلاني لم يقدم المطلوب وخرج بعد نصف ساعة فقط، وماجيو ايضا ظهر تائها ولم يقدر علي مواجهة كاجاوا مما أجبر براندي علي الاستعانة بالحارس القديم أباتي لاعب ميلان في الشوط الثاني .
اعتمد كوتش الطليان علي ثلاثي الوسط، دي روسي وبيرلو ومونتيليفو الذي تراجع قليلا خلال مباراة الأمس بعد أن كان منطلقا الي الأمام أمام المكسيك. فيما لعب بالوتيلي كمهاجم صريح وخلفه جياكيريني علي اليسار، وأكويلاني علي اليمين .
فاجيء زاكاروني الجميع بتعديل تكتيكي في تشكيلة اليابان، اللعب بـ 4-2-3-1 لكن مع وجود مهاجم صريح هو ماييدا والدفع بأوكازاكي علي اليمين كجناح مستفيدا من سرعته الفائقة .
لا خلاف علي رباعي الخلف، ناجاموتو، كونو، يوشيدا، أوشيدا. وأمامهم ثنائي ارتكاز مكون من الكابيتان هاسيبي والدينامو ايندو. بينما تركزت قوة الكمبيوتر الياباني في الثلاثي الأمامي، المكوك هوندا كلاعب وسط هجومي، وكاجاوا علي اليسار، وأوكا علي اليمين. وفي الهجوم المفاجئة ماييدا .
عاد كاجاوا دورتموند الي الملاعب من جديد، استحق ميسي اليابان نجومية المباراة بجدارة. اللاعب رقم 10 أخرج ماجيو وأكويلاني بعيدا عن اللقاء، مهارة واضحة وتحكم غير عادي بالكرة، لاعب يملك رؤية مختلفة في التواصل مع باقي أفراد فريقه. هدفه في مرمي بوفون نموذج علي انهاء الفرص بعبقرية .
غاب بيرلو فظهر الأتزوري تائها، لكن كيف نجح زاكاروني في الحد من خطورة الريجستا الايطالية ؟
اعتمد المدرب علي هوندا في الضغط علي بيرلو كلما لمس الكرة - بمعاونة الثنائي هاسيبي وايندو -. نجح الوسط الياباني في فصل أندريا عن بقية لاعبي الأتزوري. فيما تكفل المكوك هوندا بشن الهجمات من العمق علي مرمي بوفون مستفيدا" من قوته البدنية واندفاعه الهجومي .
هاجمت اليابان بخمس لاعبين، يضغط ثنائي الارتكاز علي حامل الكرة في الوسط الايطالي، ينطلق أوكازاكي علي اليمين وهوندا في العمق، بينما يقوم كاجاوا بتوزيع الهدايا الي زملائه عن طريق البينيات والكرات الطولية المتقنة .
سجلت اليابان هدفين وكان بمقدورها اضافة المزيد. ظهر الهجوم الايطالي بشكل سيء وضعيف، أكويلاني لم يختلف عن ماركيزيو ولم يقدم أي جديد بينما أجبر الضغط الياباني جياكيريني ومونتيليفو علي العودة لمساندة الأظهرة الدفاعية. شاهدنا فريق يهاجم بضراوة واخر يدافع بدون تنظيم، وكأن اليابان هو الفريق القادم من أوروبا .
لم ينتظر برانديلي حتي نهاية الشوط الأول، قام بتعديل خطته سريعا واشراك جيوفينكو. كنت قبل المباراة أطالبه باللعب أكثر في العمق خصوصا أن المنتخب الايطالي يضم أجنحة ضعيفة للغاية لكنه أصر علي البدأ بنفس طريقة مباراة المكسيك .
بعد نصف ساعة، غير براندي الخطة لكن بدون تريكواريستا بل لعب جيوفينكو كمهاجم وهمي وتحرك بالوتيلي الي طرف الملعب قليلا ليستفيد الفريق من انطلاقات جيو وسط دفاعات اليابان. هدف الفوز الرائع جاء نتيجة تلك الفكرة، لاعب الجناح ينطلق خلف الظهير ويمرر الكرة الي القادم من الخلف ليسجلها جيوفينكو ويعلن انتصار الأزرق .
هناك لحظات يفقد فيها فريق كل ما يملك من توفيق، ويكتسب الفريق الاخر دعم الجنرال حظ والمارشال توفيق، هكذا كان الحال في الربع الساعة ما بين الدقيقة 40 في الشوط الأول الي الدقيقة 55 في الشوط الثاني. ثلاث أهداف ايطالية بلا اي مبرر. ضربة ركنية في غفلة من دفاع اليابان ثم خطأ دفاعي ساذج وأخيرا ضربة جزاء سجل منها بالوتيلي معادلة النتيجة .
حتي لا نظلم الأتزوري، الموضوع ليس له علاقة بالحظ فقط، بل جاءت العودة القوية أيضا نتيجة الروح العالية والصبر المدعم بذكاء كروي خارق لنجوم الفريق الايطالي. الخبرة الاوروبية ظهرت هنا وصنعت الفارق مع المارد القادم من القارة الصفراء .
الأحوال لم تتغير في النصف ساعة الأخير، الفريق الياباني يهاجم وفرص غريبة تضيع من لاعبيه. كرات في القائم وهدف غير محتسب وتسديدات بالجملة خارج المرمي أو بين أحضان بوفون. بينما من هجمة يتيمة، يتوغل ماركيزيو بتمريرة حريرية من دي روسي " لاعب الارتكاز القادر علي صنع الفارق بتمريرات ذكية, لاعب يفتقده أكثر من فريق, مما يسبب مزيدا من البطء وقلة الحيلة في عملية تحضير الهجمات ", يمرر ماركي الي المهاجم الخفي جيوفينكو ليسجل وسط ذهول كل من في الملعب .
تذكرت بعد المباراة كلمات الفيسلوف الأسباني خوانما ليلو - وهو بالمناسبة أحد معلمي وأساتذة بيب جوارديولا -،
" الهدف في الرحلة، العملية، المشروع، العمل المبذول. في سباق ما، أنت الأول لأميال واميال، وقبل خطوات من الخط النهائي، وقعت. هل ستقول أيها الصحفي، أني فاشل ؟ لقد جريت بكل قوة طوال الطريق. الموضوع أكبر من أنك جيد اذا فزت، وسيء اذا خسرت " .
" النتيجة مجموعة من البيانات، أنت تناقش العملية وليس النتيجة النهائية، النتائج لا تُناقش. هل أنت تذهب الي الملعب لمدة تسعين دقيقة من اجل مشاهدة لوحة النتائج في نهاية المباراة ؟ أم لكي تشاهد المباراة نفسها ؟ " .
انتهت المباراة بفوز الطليان وخسارة اليابان، لكني لا استطيع أن أوجه اللوم الي زاكاروني ولاعبيه، أدوا ما عليهم طوال التسعين دقيقة، ومن المرات القليلة التي سأقول فيها، فريق استحق شرف المحاولة !
0 comments:
إرسال تعليق