" الهدف الرئيسي من التدريب هو زيادة السرعة لأقصي درجة، " مقولة للمدرب الخبير سيزار مينوتي عندما سئل عن هزيمة برشلونة الأخيرة من بايرن بدوري الأبطال. الفريق الكبير يستمر في تطوير نفسه حتى يصل الى أعلي مرحلة من الكمال، وبعدها يبدأ في الهبوط حتى يأتي فريق اخر ويأخذ النموذج الخاص به، ويطوره حتى يحصل على مكانه. مهمة فعلها البايرن مع بارسا، ثم كررها السيلساو مع الماتدور الأسباني في كأس القارات الأخيرة .
" كرة القدم عباراة عن نظامين ضد بعضهما، كل واحد فيهما مكون من 11 عنصر، عندما يتفوق أحدهما على الاخر، فإن الفريق المتفوق هو من يفوز، كرة القدم لعبة جماعية، فوق أي قدرة فردية, " تصريح أدلى به فاليري لوبانوفسكي عراب الكرة السوفيتية السابق عندما سيطر فريقه دينامو كييف على كرة القدم في الشرق الأوروبي لسنوات متتالية.
وما شاهدناه في نهائي الماراكانا من تشجيع جماهيري جنوني، وروح برازيلية رهيبة في الملعب، عوامل تؤكد أنه ليس بالضرورة أن يفوز الفريق المرشح دوما" باللقب، لذلك فازت البرازيل، وخسرت أسبانيا .
وما شاهدناه في نهائي الماراكانا من تشجيع جماهيري جنوني، وروح برازيلية رهيبة في الملعب، عوامل تؤكد أنه ليس بالضرورة أن يفوز الفريق المرشح دوما" باللقب، لذلك فازت البرازيل، وخسرت أسبانيا .
منتخبي أسبانيا والبرازيل ينظران الى الأمام، يلعبان كرة هجومية باستحواذ أكبر ونجاعة أوضح. انتصار البرازيل ليس معناه انتهاء زمن التيكي تاكا أو هزيمتها. ولكن، كل الفرق العظيمة في تاريخ اللعبة تصل الى أعلى مستوي وكيرف لها، ثم يصعد فريق آخر، ويتحكم في أدواته حتى ينتصر عليه. منتخب أسبانيا ليس في افضل حالاته، والسيلساو في مرحلة صعود أولي، فريق قادم من بعيد ويريد الصعود الى القمة المفقودة .
عندما فاز بايرن على بارسا بدوري الأبطال، كان البافاري أكثر فريق بعد البلاوجرانا يتفوق في الاستحواذ والسيطرة واللعب الهجومي. فلسفة اللعب الى الأمام التي ابتكرها مارسيلو بيلسا وطورها جوارديولا فيما بعد، وطريقة الضغط العالي الذي طبقه لويس فان جال مع ميونخ ثم أضاف اليه هاينكس قوة دفاعية مطلوبة. أضاف الفريق الألماني الى التمرير المتقن عاملي الضغط والسرعة، لذلك يعتبر نهج البايرن أقرب الى صيحة جديدة في التيكي تاكا .
سكولاري نجح مع السيلساو في 2002 بثنائي من صناع اللعب، رونالدينيو وريفالدو، لم يكن الأداء البرازيلي في أعلي مستوياته على الرغم من فوزهم بالبطولة، واختيارهم اللعب الهجومي الواضح. كرر الاستراتيجية مع البرتغال في يورو 2004 لكن الدفاع اليوناني القاتل بقيادة أوتو ريهاجل قضى تماما على أماله. هنا من الوارد أن نقول بأن الكرة الهجومية قد خسرت، وفاز الفكر الدفاعي الأقرب الى الكاتانتشيو القديم، الاغريق فعلوها عن جدارة واستحقاق .
البرازيل في بطولة القارات هاجمت في كل المباريات التي لعبتها قبل مواجهة أسبانيا، فازت على المكسيك واليابان وايطاليا ثم أوروجواي باستحواذ أكبر وفرص هجومية أكثر. لا يمكننا الاشارة بعد نهائي الماراكانا بأن المباراة شهدت موت طريقة التيكي تاكا، بل التعبير الأكثر دقة في تلك الحالة، انتصار السرعة على المهارة، وهزيمة الناحية التقنية أمام الضغط الغير عادي في كل شبر بالملعب .
ليس بالضرورة أن تتفوق السرعة في كل مباراة، وأعتقد أن أسبانيا في أوج عظائها كانت ستفوز على البرازيل، والنسخة الأفضل من بارسا بيب تعتبر أفضل كمستوي وقدرات من بايرن الثلاثية. لكن، هذا الموسم شهد تفوق الضغط العالي والسرعة القاتلة في جميع المنافسات على صعيد الأندية والمنتخبات. البرازيل لم تترك مسافة لنجوم الفوريا روخا، والبايرن هزم البلاوجرانا ذهابا" وايابا" في أوروبا.
هناك ملاحظات مهمة خرجنا بها من بطولة القارات هذا الموسم. أولها، المستوي الكبير الذي ظهر به النجم نيمار دا سيلفا، جوهرة سانتوس سنشاهدها الموسم المقبل في كاتلونيا، لاعب تحدث عنه الاعلام كثيرا"، وزادت الشكوك حوله، نيمار أثبت خلال الكأس أنه يملك مستوي كبير، لا يُقارن بميسي لكنه قادر على النجاح في أوروبا خلال الموسم المقبل لما يمتاز به من مهارة فائقة وخفة في التحرك. دا سيلفا يلعب في أضيق المساحات وينطلق في المرتدات، قماشة كروية مختلفة .
ما زلنا نعيش تحت وقع لاعب الارتكاز القادر على تمرير الكرة ونقل الهجمة من الدفاع الى الهجوم. بوسكيتس في أسبانيا ومفاجئة البطولة باولينيو في البرازيل. الارتكاز الأسمر قدم مردود لا بأس به. في البداية وخلال المباريات الودية، أدى دور قاطع الكرات، وبعد ذلك انطلق وزادت نسبة تمريراته الدقيقة وصعوده الى الأمام. تحول باولينيو مع منتخب بلاده من الارتكاز المساند الى لاعب الوسط الهجومي الذي يمرر ويسدد ويسجل، ذكرني بجيندوجان مع دورتموند هذا الموسم .
الملاحظة الأخري خلال البطولة، هي عودة طريقة 3-5-2 من جديد مع منتخب ايطاليا. اللعب بثلاثي خلفي أتى بثماره أمام أسبانيا في نصف النهائي، اقترب الأدزوري من الفوز لكن اللياقة لم تسعفه، وضربات الترجيح اطاحت به. اللعب بثلاث مدافعين يتطلب تمتع أحدهم بذكاء كروي حاد، يقود الخط الخلفي ويتقدم لمساندة الارتكاز. بارزالي قام بهذا الدور وكان أفضل مدافعي فريقه. كذلك يجب أن يلعب أمام الدفاع، لاعب ارتكاز قادر على الاستلام والتمرير، بيرلو ومن بعده مونتوليفو يقومان بتلك المهمة .
هناك وجهة نظر تقول بأن " كثرة البدائل في الفريق أحيانا ما تتحول الي نقطة ضعف أكثر من كونها مصدر قوة،" وبعد توافر أكثر من عنصر جاهز في القائمة الأسبانية، وُضع ديل بوسكي في مأزق كبير قبل المباريات الهامة. هل يشرك ثنائي ارتكاز أم يلعب بمحور واحد ؟ البدأ بماتا أم نافاس ؟ اللعب بمهاجم وهمي أم رقم 9 صريح ؟ أسئلة كثيرة ظلت بلا اجابة حتي وقتنا هذا. خسرت أسبانيا علي الرغم من تفوقها قبل البطولة. الفريق الأقوي قياسا" بالقائمة لكنه يعاني من نقاط ضعف علي مستوي تشكيلة الـ 11 لاعب الأساسيين .
ما النقطة الاخيرة متعلقة بمستوي المايسترو تشابي هيرنانديز. قدم لاعب الوسط مستويات متباينة خلال الموسم مع برشلونة ثم منتخب أسبانيا. صاحب الـ 33 عام يلعب في الموسم الواحد أكثر من 60 مباراة، معدل من الصعب جدا" علي لاعب في سنه أن يتحمله. على تيتو وديل بوسكي ضرورة الاهتمام بتلك الملاحظة، ومعاملة المايسترو بقدر من العناية، إما أن يلعب خلفه ثنائي ارتكاز صريح حتى يركز في المهام الهجومية، أو مزيد من المداورة داخل التشكيلة حتى يحصل على الراحة الكافية .
يقول البعض أن مشكلة الماتدور في تحضير الهجمة فقط، والمتابع الجيد لمباريات الفريق خلال البطولة سيجد أن انيستا فعل كل شيء ممكن، وتشابي حاول رغم الضغط، لكنهما وجدا ثلاثي هجومي لا يتحرك ولا يضغط. بيدرو هو الوحيد الذي يجري بينما كلا من ماتا وتوريس وسيلفا من قبلهم، ينتظرون الكرة فقط في الهجوم. قارن بينهم وبين نيمار في البرازيل، كاندريفا بايطاليا، كافاني مع أوروجواي، وستدرك فورا" أهمية التحرك بدون كرة في كرة القدم الحديثة .
في النهاية، المنتخب البرازيلي فاز باللقب وما زال أمامه الكثير من أجل أن يخطف المونديال المنتظر خلال العام المقبل. أما أسبانيا فديل بوسكي عليه أن يفكر أكثر في الدفع بعناصر جديدة من أجل الاحلال والتجديد. وفي كل الأحوال، على السيلساو شكر منتخب ايطاليا الذي أتعب الماتدور في قبل النهائي وأجبره على اللعب لمدة 120 دقيقة كاملة، مما جعل الفريق منهار بدنيا" بالمباراة النهائية، عكس المنافس الذي تسلح بالجمهور وبيوم راحة اضافية .
0 comments:
إرسال تعليق