فيرونيكا تقرر أن تموت
فيرونيكا: فتاة شابة في الرابعة والعشرين من العمر، تملك كلّ ما يمكن أن تتمنّاه: الصِبا والجمال، العشاق الوسيمين، الوظيفة المريحة، العائلة المُحبّة. غير أن ثمة فراغاً عميقاً بداخلها، يتعذّر ملؤه. لذلك قررت أن تموت انتحاراً في الحادي عشر من نوفمبر من العام 1997، فتناولت حبوباً منوّمة، متوقّعة ألا تستفيق أبداً من بعدها.
تُصعق فيرونيكا، عندما تفتح عينيها في مستشفى للأمراض العقلية، حيث يبلغونها أنها نجت من الجرعة القاتلة، لكن قلبها أصيب بضرر مميت، ولن تعيش سوى أيامٍ معدودة.
بعد هذه الحادثة، توغل الرواية عميقاً في وصف الحياة التي عاشتها فيرونيكا، وهي تعتقد أنها ستكون آخر أيام لها في الحياة. خلال هذه الفترة، تكتشف فيرونيكا ذاتها، وتعيش مشاعر لم تكن تسمح لنفسها يوماً أن تتملكها : الضغينة، الخوف، الفضول، الحب، الرغبة. وتكتشف، أيضاً، أن كل لحظة من لحظات وجودها هي خيار بين الحياة والموت، إلى أن تغدو في آخر لحظاتها، أكثر إقبالاً على الحياة من أي وقت مضى.
هكذا كانت مقدمة رواية " فيرونيكا تقرر أن تموت " للروائي البرازيلي باولو كويلو. ولكن، ما هي علاقة تلك المقدمة بموضوع يتحدث عن كرة القدم ؟
الفكرة هنا هي الربط بين قصة فيرونيكا التي قررت الانتحار وعندما فتحت عينيها بعد تناول الأقراص، تجد أشياء كثيرة حولها في الحياة تستحق الحب والتفكير، فأحبت الحياة بشكل غريب، وبين مجموعة من لاعبي كرة القدم تأثر مستواهم اما بسبب الاصابة أو عامل السن أو تغير طرق التكتيك، وعندما توقع الجميع أنهم في الطريق الي النهاية، عادوا من جديد بشكل اخر وبقوة أكبر مع بريق أكثر لمعان .
ويسلي شنايدر
انتقل شنايدر الي ريال مدريد قادما" من مدرسة أجاكس الكروية، احدي أهم أكاديميات كرة القدم في العالم. جاء ويسلي محملا بأمال كبيرة مع الكتيبة الهولندية الجديدة للنادي الملكي، حصل علي بطولة الدوري المحلي مع شوستر خلال موسمه الأول في العاصمة الأسبانية ثم خاض الموسم الثاني مع خواندي راموس في النهاية، المدرب الذي صنع مجده مع أشبيلية بطريقة 4-4-2 فكررها من جديد مع الميرينجي .
لعب الهولندي كلاعب جناح صريح، يعتمد خواندي دائما علي لاعبي الأجنحة مع ثنائي ارتكاز في العمق لذلك تم توظيف شنايدر علي الطرف، لاعب سريع ومهاري، يجيد الانطلاقات الهجومية. رحل المدرب بعد ذلك وعاد بيريز ومعه أحلام الجلاكتيكوس من جديد. استقدم الرئيس نجوم كبار كرونالدو، كاكا، بن زيما مع مانويل بيلجريني المدير الفني الأول في ولاية بيريز الثانية .
فكرت الادارة الرياضية المدريدية في الاستغناء عن أكثر من لاعب، جاء في مقدمتهم نجوم الطواحين، روبين وشنايدر. فعل ويسلي كل ما يستطيع من أجل البقاء في أسبانيا، طلب من المدرب ثم الرئيس ذلك وأعلن رغبته لجميع وسائل الاعلام، لكن رغبة بيريز كانت فوق الجميع. قصة شنايدر مع مدريد قاربت علي النهاية، وانتر ميلانو الوجهة القادمة .
شعر شنايدر أثناء خروجه المهين من فريق الملوك أن نهايته مع الساحرة المستديرة قد اقتربت، حزن عميق وانكسار جراء طريقة المغادرة. لحسن حظ الهولندي أنه وقع تحت أيدي جوزيه مورينيو، المدرب البرتغالي المثير للجدل. راهن جوزيه علي نجم أجاكس القديم وأكد لموراتي أن هذا اللاعب سيكون ضالته. ومع شنايدر، حلم دوري الأبطال سيتحول الي حقيقة .
أراهن بكل ما أملك - وأنا لا أملك شيء يذكر - أن موراتي وقتها لم يصدق مورينيو واعتبر كلامه ضرب من الجنون، لكنه وافق في النهاية علي الصفقة. شنايدر من جناح صريح مع ريال مدريد الي صانع اللعب ومحرك الأداء لفريق انتر ميلانو. لعب الانتر بطريقة 4-2-3-1، ميليتو مهاجم صريح، وايتو ثم بانديف كأجنحة هجومية، وشنايدر لاعب الوسط المهاجم خلف القناص الأرجنتيني .
لعب شنايدر كصانع لعب يتحول الي دور المهاجم الوهمي مع منتخب بلاده في كأس العالم 2010. مركز جديد في التكيك يسمي بصانع اللعب الخفي أو الـ False 10، يتحرك المهاجم الصريح الي الطرف ويترك مساحة لكي ينطلق لاعب الوسط الي الأمام ويلعب مكانه. فعلها روبين أيضا خلال نهائي دوري الابطال 2013 وسجل هدف حاسم في شباك دورتموند .
شنايدر أحيانا كصانع لعب، وفي بعض الأوقات لاعب وسط هجومي تقليدي، وعندما يتحول الانتر الي الهجوم الضاغط، يدفع المو بثنائي هجومي وخلفهم شنايدر كتراكواريستا أو صانع اللعب علي الطريقة الايطالية. نجح الهولندي بسبب قوة تسديداته وسرعته البديهية في التصرف بالكرة، لاعب يملك رؤية وفكر داخل الملعب، استطاع ترجمته الي نتائج فعالة داخل المستطيل الأخضر .
بعد أن كان اللاعب يندب حظه علي الرحيل المدريدي، أصبح أسعد رجال العالم وفريقه الجديد يفوز بالثلاثية التاريخية بقيادة مورينيو خارج الملعب، وشنايدر داخله. هنا المتعة الأبدية لكرة القدم، تصور الجميع أن نجومية اللاعب في طريقها الي الزوال لكن مع تعديل بسيط في تمركزه داخل الملعب، تفجرت قوة مهارية جبارة خدمت الانتر وجعلته النادي رقم 1 في العالم سنة 2010 .
شنايدر واصل المسيرة مع منتخب بلاده وكان قاب قوسين أو أدني من الفوز بأغلي بطولة في التاريخ، لكن رعونة روبين وعظمة انيستا كانا لهما رأي أخر. عاد النجم الكبير الي فريقه ليجد مورينيو في النادي الذي أهانه من قبل، قرر الاستمرار في ايطاليا مع الانتر. ومن الممكن القول أن توهج ويسلي الغريب قد انتهي، ولم يقدم مستواه المعهود حتي رحل في النهاية الي تركيا مع جالاطاسراي .
0 comments:
إرسال تعليق