لعبت البرازيل بطريقتها المعتادة، 4-2-3-1. مارسيلو، ألفيش، لويز، سيلفا في الخلف. لويس جوستافو وباولينيو محوري ارتكاز وأمامهما أوسكار. بينما في المقدمة هالك ونيمار وفريد كمهاجم صريح. لم يغير سكولاري من تكتيكه وبدأ المباراة بنفس الخطة التي فاز بها السيلساو في جميع مبارياته السابقة .
ديل بوسكي كان أمامه عدة خيارات، هل يلعب بمحور واحد أم اثنين ؟ هل يبدأ بمهاجم صريح أم وهمي ؟ أسئلة عديدة دارت قبل المباراة لكن المدرب الخبير ضرب بكل ذلك عرض الحائط ولعب بطريقة 4-3-3 دون أي مغامرة. بوسكيتس وتشابي وانيستا في الوسط. مع دخول ماتا وبيدرو كأطراف، وتوريس في الأمام .
استفادت البرازيل كثيرا" من تجربتي نيجريا وايطاليا ضد الأسبان، الضغط العالي في الوسط مفتاح مهم لمواجهة الماتدور مع التحول السريع من الدفاع الي الهجوم. وصفة سحرية استخدمها سكولاري علي نطاق أوسع مستفيدا" من عاملي الأرض والجمهور، بالاضافة الي التوفيق الكبير الذي لازم فريقه في الهدف الأول لفريد الذي قلب الأمور رأسا" علي عقب .
لعب السيلساو بضغط عالي Pressing Game في كل أنحاء الملعب، يبدو أننا جميعا" تعاملنا مع باولينيو علي أساس انه مجرد خاطف للكرات destroyer لكنه أشمل من ذلك، لاعب يجيد الضغط والتمرير، يملك لمسة مختلفة في الكرة، أضاف لوسط البرازيل قوة خاصة. لعب باولي وجوستافو بالتبادل علي الرقم 10 في تكتيك أسبانيا، سواء كان انيستا أو تشابي عند التقدم الي الأمام .
اشراك خوان ماتا تصرف خاطيء من ديل بوسكي، ليست هذه هي مباريات نجم تشيلسي، ماتا لاعب مهاري رائع لكنه لا يتحرك كثيرا ولا يعود لمساندة الدفاع. ماتا ترك ألبا وحيدا" في الخلف يواجه هجوم البرازيل وفي نفس الوقت لم يوفر للاعبي الوسط تمركز جيد حتي يمرروا له الكرة .
الفشل الاسباني لم يكن متعلق فقط ببطء تحضير الوسط والضغط الواقع عليه، بل أيضا بسبب انعدام التحرك في الخط الأمامي خصوصا" من طرف ماتا وتوريس الحاضر الغائب في المباراة. ديل بوسكي فهم الوضع متأخر ودفع بنافاس لكن بعد فوات الأوان .
تفوقت البرازيل علي صعيد الضغط والقوة البدنية، شجع الجمهور بجنون، لعب دافيد لويز وسيلفا مباراة العمر، روح غريبة وجرينتا غير طبيعية، عوامل عديدة ساهمت في ترجيح كفة السيلساو. لكن، علينا أن نضع قوسين حول " السرعة " القاتلة التي تتوافر في لاعبي البرازيل وغير موجودة لدي نجوم الماتدور .
لاعب مثل نيمار صنع الفارق للمباراة الخامسة علي التوالي، لن أقارنه بميسي أو رونالدينيو، النجم الصغير ما زال في بداية المشوار لكنه أبعد ما يكون عن عبارات السخرية والانتقاص التي طالته خلال الأيام الماضية. جناح سريع ومهاري، هداف يعرف طريق المرمي، يجيد اللعب في المساحات الضيقة، وبارع في المرتدات السريعة، ينقصه بعض الملاحظات التقنية والبدنية وسيكون أحد أفضل اللاعبين في أوروبا والعالم .
الفرصة الوحيدة المنظمة لأسبانيا في الشوط الأول كانت عن طريق بيدرو، توريس يترك مكانه ويسحب معه المدافعين، ماتا يتحول الي العمق أكثر، يستلم الكرة ويمرر الي بيدرو، ثلاث لعبات قتلت الدفاع البرازيلي. بيدرو سددها رائعة لكن هناك لقطات خارجة عن السيطرة، منها انقاذ لويز الخيالي لتسديدة بيدرو !
انخفاض مستوي توريس ذكرنا مرة أخري بجدوي اللعب بمهاجم وهمي في تلك المباريات، الدفاع البرازيلي متكتل في الخلف ويجب أن تواجهه بلاعب متحرك يعود الي الوسط. سيسك خيار مثالي لكنه مصاب، كان من الممكن أن يلعب بنافاس علي الجناح وبيدرو كـ false 9 .
مباراة الامس أكدت الحاجة الي اللعب بثنائي محوري في بعض الأوقات، مشاركة خافي مارتينيز مع بوسكيتس كانت أفضل. ديل بوسكي وقبله تيتو، تناسوا أن تشابي يبلغ من العمر 33 عام ويشارك في 60 مباراة كل عام، نسبة مخيفة وغريبة. المايسترو هو مفتاح لعب أسبانيا وبرشلونة، وزيادة الضغط عليه مع عامل السن والاصابات، أمور قللت كثيرا من انتاجه الكروي.
مع بداية الشوط الثاني، حاول ديل بوسكي تعديل الأمور، أعاد انيستا قليلا" الي الوسط بجوار بوسكيتس، ودفع بتشابي كلاعب رقم 10 في الهجوم، قام بتبادل أدوار بين تشابي وانيستا، بالاضافة الي اشراك الجناح السريع خيسوس نافاس مكان ماتا المتراجع. تغييرات أعطت تشابي مزيدا" من الحرية لكنها قتلت انيستا في العمق .
كان من الممكن أن تتحسن الأمور، لولا هدف فريد السريع في بداية الشوط الثاني، ويجب أن نشير الي أن معظم أهداف السيلساو في البطولة جاءت في بداية كل شوط أو نهايته. مع الحدث الأكثر غرابة في مباراة الأمس، ضربة جزاء تحتسب لفريق يضم تشابي وانيستا ويدخل المدافع راموس ليضعها بكل برود واستهتار خارج المرمي، تصرف قتل المباراة وأنهاها لصالح البرازيل .
فازت البرازيل بالمباراة والبطولة وخسرت اسبانيا وحصلت علي المركز الثاني. انتصار مستحق للسيلساو لكن علينا ألا نكبر الأمور فالبطولة لا تقارن باليورو أو المونديال، وهناك تعديلات عديدة في انتظار المنتخبين قبل كأس العالم. علينا أن نتذكر أيضا" الجانب البدني الذي خذل أسبانيا بعد مباراة ايطاليا. 120 دقيقة قبل النهائي بيومين، قضت علي أي أمل لثبات الماتدور خلال معركة الماراكانا .
0 comments:
إرسال تعليق