• اخر الاخبار

    الاثنين، 15 يوليو 2013

    قصة مباراة من قلب المدرج

    الحديث عن كرة القدم لا يتوقف، ساحرة تضع عشاقها دوما" في متعة أبدية وبختة مستمرة. في ظل عوامل عديدة تفرقنا، تأتي  اللعبة لكي تجمعنا في قالب واحد، ليس بالضرورة علي نفس الخط لكن الاتجاهات تلتقي في النهاية. الصدفة البحتة قادتني الي مقابلة صديقين قديمين من أيام الدراسة، يتفقان في أشياء عديدة لكنهما يختلفان في التشجيع، أحدهما أهلاوي متعصب والاخر زملكاوي متيم. جلسنا سوا نستعيد الذكريات الماضية والأيام الخوالي، وكالعادة جاءت سيرة كرة القدم .!

    قصة صراع تاريخي بين جانبين، الأول في مدرجات التالتة شمال الخاصة بجمهور القلعة الحمراء والثاني في التالتة يمين معقل عشاق القميص الأبيض. في كل بلاد العالم، يدخل جماهير الفريقين الملعب قبل بداية المباراة بدقائق الا في مصر، يبدأ توافد الناس منذ الصباح الباكر حتي يمتليء الملعب علي اخره قبل المباراة بأكثر من ثلاث ساعات وفي بعض المرات، لا يوجد مكان قبل البداية بأربع وخمس ساعات .

    هكذا جنون اللعبة في بلادي، مباريات الديربي تعتبر بمثابة العيد الكبير لمشجعي اللعبة، يتفنن كل جمهور في الاتيان بأشياء غريبة وعجيبة قبل وأثناء وبعد اللقاء. يذهب المشجعون في مجموعات، يتحملون عناء ومشقة المعترك الأصعب الذي لا يليق بأي انسان أدمي، الدخول الي الملعب في ظل زحام كارثي وتفتيش مبالغ فيه، لا أحد يشكو والجميع يبتسم في لا مبالاة، والسبب واحد لا يختلف عليه اثنان، حب الكيان وسره الباتع .


    مقدمة يعرفها كل من حضر مباريات الديربي ومعتركات القمة الكروية المصرية، بداية لا بد منها لشرح كواليس اللقاء الاشهر في تاريخ الكرة الأفريقية والعربية، يُقال أن هناك أربعين مليون أهلاوي في مصر بينما يرد الزملكاوية بمقولتهم الخالدة، اذا كان جمهور الأهلي بالملايين في مصر فنحن لنا عشاق بالملايين في كل مكان بالملعب. هناك مباراة داخل الملعب بين اللاعبين، وأخري بالمدرجات بين مهاويس ومجاذيب المجنونة المستديرة .

    اتخذت دور المستمتع وبدأ الثنائي في تبادل أطراف الحديث حول مباراة تاريخية حضراها معا" في ستاد القاهرة، نهائي كأس مصر بين الأهلي والزمالك عام 2007، بدأ صديقي الأهلاوي في التفاخر بعشاق فريقه، الذين ملأوا المدرج الخاص بهم في وقت قصير، تشجيع متواصل وسط أجواء لا صوت يعلو فيها فوق صوت الشياطين الحمر. بينما تباهي رفيقي الزملكاوي باللمحات الفنية والدخلة الراقية التي شكلها جمهور ناديه قبل البداية، مؤكدا" أن مدرسة الفن والهندسة تفتح أبواها في المدرج قبل الملعب .

    مباراة شهدت تسجيل سبعة أهداف كاملة، سجل الأهلي أربعة بينما هز الزمالك شباكه بالثلاثة، أحداث مجنونة تبادل فيها الفريقان التفوق، كان الزمالك أقرب في معظم أوقات المباراة الا أن خبرة لاعبي الأهلي حسمت الأمور في النهاية. يومها والعهدة علي زملائي الأخوة الأعداء، لم يتوقف الجمهورين عن التشجيع طوال المقابلة. بعد المقابلة، احتفلت جماهير الأحمر مع لاعبيه باللقب كذلك أصرت جماهير الأبيض علي تشجيع نجومها والشد من ازرهم، لا خاسر في قمة عبرت بوضوح عن تفرد الرياضة المصرية وقيمتها .



    انتهت المباراة الودية التي جمعت بين الصديقين، سعدت بما قاله الثنائي وما لبث أن تحول فرحي الي حزن عميق حينما علمت كغيري منذ أيام بأن الكلاسيكو المصري سيقام بدون جمهور بسبب الظروف الأمنية والأحداث السياسية التي تمر بها البلاد. بعيدا عن تلك الأعذار، فان اللوم يقع في كل الأحوال علي هؤلاء الذين حولوا معاركهم الشخصية  - البعيدة عن كرة القدم - الي أرضية الملعب، جماهير يُسمح لها بدخول المدرجات من جديد ثم تدمر كل شيء بأفعال صبيانية وحركات غريبة تتسبب في مزيدا" من التوتر بالاضافة الي عقوبات يفرضها الاتحاد الأفريقي علي الفرق المحلية .

    وبالتالي، قبل أن نلوم الظروف المحيطة، علينا أن نوجه هذا اللوم الي أنفسنا، الأولتراس من افتعل المشكلة والان نعاني جميعا" منها. هم يريدون الحضور والجماهير العادية تتمني أيضا، والكرة الان في ملعب الجهات الأمنية والمسئولين عن ادارة الرياضة في الدولة.
    ليس المهم الان انتقاد المتسببين في الأزمة رغم أنهم يستحقون ذلك. كل ما أحلم به، فتح صفحة جديدة بين الجميع، ليس من أجل شيء الا استعادة تلك الذكريات الرائعة التي اشتقنا اليها وتذكرتها مع اصدقائي الذين حضروا قمة 2007 .
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة مباراة من قلب المدرج Rating: 5 Reviewed By: كوتشو
    إلى الأعلى