الضغط ؟ في يوم 9 يوليو 2006، قضيت نهاري بلعب البيس والنوم، وفي الليل، تُوجت بكأس العالم . ويقال عنه، انه يسدد مثل البرازيليين، يحتفل على الطريقة الايطالية، لذلك لا عجب حينما نادوه في القارات باسم بيرلينيو .
وحينما يتحدث أندريا بيرلو فعلينا جميعاً أن نصمت ونسمتع جيداً لأن الإيطالي الأنيق من نوعية " اللاعبين المدربين " الذين يتواجدون داخل المستطيل الأخضر بصفتهم أكثر من مجرد لاعب عادي بل قائد ومايسترو والذراع الأيمن للمدير الفني بالملعب. لذلك كانت مقدمة الكتاب معبرة إلى حد كبير " أنا أفكر وبالتالي ألعب " والريجستا يلعب بعقله قبل قدمه وهذا أحد أسرار تفوقه وتألقه .
الريجستا هو مخرج الأفلام، وفي التكتيك اللاعب صاحب المركز رقم 4، وفي عُرفنا هو أندريا بيرلو. في 2006 هو الريجستا، أي صانع اللعب من الخلف أ, كما يقال Deep Lying وكان معه جاتوسو، جينارو ليس لاعب وسط هجومي ولكنه كان يتمركز أمام بيرلو، لماذا ؟
لكي يقوم بعمل البلوك أو الحاجز له من أجل اعطائه فرصة أفضل للتمرير من الخلف، بالاضافة الى خطف الكرة وتمريرها اليه. " حينما أشاهد بيرلو، كنت أقول أنني لست لاعب كرة !" هكذا قال جاتوسو أو الجارد في كرة القدم الايطالية. تكتيكياً مركز جاتوسو هو Mediano .
البلاي ستيشن
بعد التدريبات - والكلام على لسان بيرلو - لا شيء أفضل من الإسترخاء ولعب البلاي ستيشن رفقة الزملاء، البيس هو أعظم إختراع في التاريخ ومنذ بداية لعبي وأنا أختار " برشلونة " ولا أعلم عدد المباريات التي لعبتها، ولكن أعتقد تساوي أربع أضعاف المباريات الحقيقية التي شاركت فيها خلال مسيرتي .
بيرلو ونيستا أفضل ثنائي، بعد الإستيقاظ مبكراً، لعب البيس لفترة ثم التدريب وعودة من جديد إلى العشق المتاح. أختار برشلونة ونيستا أيضاً يختار برشلونة، بارسا ضد بارسا، هكذا كانت الأجواء، أختار أسرع لاعب، صامويل إيتو، أخسر وأطالب ساندرو بإعادة المباراة .
مدربنا في اللعبة هو بيب جوارديولا، الرجل الأنيق الهادئ واللاعب الكبير الذي صار مدرب مشهور، كنا نحترمه بشدة وحينما لعبنا في الجامبر ضد برشلونة بالكامب نو، فكرت أنا ونيستا في خطفه والإتيان به إلى ميلان. حينما شاهدناه يتحرك على الخط ويعطي تعليمات وأوامر، شعرنا ولأول مرة أن الخيال ممتع، لكن الحقيقة أحيانأ تكون أمتع !
بعد المباراة كان الحديث الكبير عن زلاتان إبراهيموفيتش، اللاعب لا يجد راحة في برشلونة وكل الأخبار تؤكد إقترابه من ميلان. زملائنا في الفريق نصحوه وشجعوه على المجيء، بينما زملائه في برشلونة طلبوا منه البقاء والإستمرار في النادي، لكن إبرا أثناء الدردشة عبر عن رغبته في الرحيل خصوصاً أن بيب لا يتحدث معه ولا يهتم به .
السائر على سطح الماء
لم أكن أهتم بكلمات إبرا عن بيب، كنت أحترمه وأقدره كمدير فني ناجح، وبعد نهاية المباراة، فوجئت بنداء سريع من رجل جوارديولا الأمين، صديق عمره ومساعده الذي يأتمنه على أسراره، إنه أعظم الرياضيين في كرة الماء والبطل المتوج بميدالية أوليمبية سابقة، مانيل ستياريتي.
أندريا أندريا، إقتربت منه ولم أعرفه بشكل جيد بسبب عدم إرتدائه للقبعة الشهيرة في الألعاب المائية، ثم قال لي، بيب يريد مقابلتك، نظرت إليه أكثر فتعرفت عليه وقلت له، حسناً، فرد سريعاً وامرني بالقدوم معه .
المتواضع الأنيق
دخلت إلى الغرفة، أثاث مرتب وألوان هادئة، وأرقى أنواع النبيذ " الواين " على الأرفف، قلت بداخلي وااو، ثم حمدت ربي أن المدرب الاشهر في هذه الحقبة لم يسمعني وبمجرد جلوسي، قال لي بلهجة إيطالية محترفة، إسترح يا أندريا وإعتبر المكتب مكانك .
" برشلونة يا أندريا عالم خاص، مكان متفرد ومختلف، إننا آلة الكمال التي أتمت نفسها بنفسها، نحن معتزون بأنفسنا كثيراً وبما حققناه ونريد المزيد. أشكرك على موافقتك لمقابلتي "
قالها جوارديولا ثم نزل بالصاعقة .. ونحن نريدك معنـا ! هنا في برشلونة !
الحياة أجمل من الجنة
إنه رجل لا يُهزم، حينما كان يلعب، إمتاز بالتحكم في الريتم والتيمبو وتنظيم اللعب، بينما كمدرب أصبح يجيد الهجوم بطريقة غير متوقعة وبأسلوب مختلف إلى حد كبير.
نحن في مستوى قوي ونطمح إلى المزيد، لكنك ستكون مثل حبة الكرز على قطعة الحلوى، وستكون مع بوسكيتس وتشافي وإنيستا لإكمال العقد الفريد. أنت تملك كل المقومات لكي تلعب في برشلونة، أنت لاعب من الطراز الفريد .
إسمتعت إليه لمدة نصف ساعة ولم أملك أي رد، كنت في حالة ذهول ممزوجة بالدهشة ولكن سعيد للغاية، لم أرد لكن من داخلي تمنيت أن يتحول هذا الحلم إلى واقع ملموس .
برشلونة، لماذا ؟
نحن في برشلونة لدينا طريقة خاصة في اللعب، الجميع يحاول تقليدها لكنهم لا يستطيعوا، لذلك نجد أنفسنا دوماً في مكانة خاصة للغاية. لقد طلبنا من ميلان التعاقد معك، هم قالوا في البداية لا لكننا توقعنا الرد. الكل يقول ذلك في البداية لكن المفاوضات لها رأي آخر في النهاية.
إنصدمت قليلاً لأن هذا الكلام أسمعه لأول مرة، لم يفاتحني أي مسئول في ميلان ولم يخبروني بالحقيقة. هكذا كان رد بيرلو على كلام بيب جوارديولا .
إذا أتيت لنا ستجد ما يسّرك، لدينا أكاديمية لا ماسيا، مكان غير موجود في أي بيئة أخرى، النادي يعمل مثل الساعة، نملك قاعدة كبيرة من الشبان والصغار، الكل يلعب من أجل حلم واحد، إرتداء قميص بارسا واللعب في أكبر ملاعب أوروبا بالأحمر والأزرق، إننا الأزولجرانا، وأوروبا كلها تعرفنا .
بيرلو، أنت لاعب مختلف وكبير، ويجب عليك أن تلعب لأفضل فريق في أوروبا، لقد خلقت لكي تلعب في بارسا. أنا أحببتك بشدة كلاعب والان أريدك معي تحت قيادتي وأنا مدرب، نحن نقوم بعمل رائع ونطمح للأروع .
بارسا بيب
أول شيء فكر فيه بيرلو بعد كلام بيب كان نيستا ! الغيرة التي ستكون بداخله بعد أن يعلم برحيل بيرلو إلى برشلونة، سيقول بأن أندريا حصل منه على برشلونة وخطف بيب من أمام عينيه.
بيب أخبره بأن الفريق لن يستسلم وسيحاولون مرة أخرى ضمه خلال الأيام المقبلة.
قبل ذلك بيرلو حلم بالريال لكن مع عرض برشلونة، قال الإيطالي لنفسه، سأزحف على أربع من أجل الذهاب إلى هذا الفريق. إنهم يقدمون كرة قدم مذهلة، الأعظم في العالم، يلعبون بأسلوب مختلف لم نشاهده من قبل، التمرير والإستحواذ والهجوم الكاسح .
بارسا بيب، لا أفضل منهم على الإطلاق .
الصدمة
خرجت من مكتبه لا أتحدث مع أحد، صعدت إلى باص الفريق والكل يتكلم عن إبراهيموفيتش، شعرت وكأن طريقي مخالف للسويدي، هو يريد ميلان، وأنا أحلم ببرشلونة، هل فعلاً ستحدث المفاجأة !؟
حدثت بعد ذلك مفاوضات لكن لم يحدث الحلم، مسئولي ميلان رفضوا، ومسئولي برشلونة لم يضغطوا بشكل كافي، لذلك لم أصل في النهاية إلى الجنة .
الفيلسوف
كنت أعتبر نفسي محظوظاً إذا دربني جوارديولا، لأنه حقاً يضع بصمته على أي فريق. إنه يبني كرة القدم، يوجه اللاعبين، يوبخهم، ويقودهم إلى الأفضل. يعتقد زلاتان أنه يهينه حينما يقول " فيلسوف " لكن إبرا وصف بيب باللفظ الصحيح، إنه حقاً فليسوف كرة القدم في الزمن الحالي .
الفيلسوف يفكر، يحاول، يختار طريقه، يملك مباديء وأسلوب في الحصول على مبتغاه، يواجه ظروف صعبة ومطبات كثيرة لكنه مصمم وعاقد العزم على النجاح. كرة بيب جوارديولا مختلفة ومبتكرة وجديدة، لقد أدخل فن جديد إلى اللعبة، لذلك هو المدرب الأنجح في السنوات الأخيرة .
جوارديولا حصل على الفلسفة وكل ذلك وأدخلهم في كرة القدم، نجاحه أقرب إلى المعجزات، لقد حقق كل شيء في وقت قياسي. أسلوبه هو الكريما Crima والبختة الخاصة بكاتلونيا. مزج بين الحقيقة والخيال، الواقع والحلم، المستحيل والملموس،
لذلك بيب جوارديولا مدرب بلاي ستيشن !
* جزء من كتاب "I Think Therefore I Play" by Andrea Pirlo