أنشيلوتي لعب في أول مباراتين ضد برشلونة بطريقة هجومية فخسر بكل سهولة، لذلك هذه المرة قرر أن يستنسخ قليلاً من خطة أتليتكو مدريد ويلعب بـ 4-4-2 بوجود ثنائي إرتكاز هما مورديتش وألونسو، على اليمين دي ماريا، وعلى اليسار إيسكو، ثم جاريث بيل وأمامه بنزيما، مع رباعي الدفاع وحارس المرمى .
وكأن جاريث بيل هو راؤول جارسيا وبنزيما هو دييجو كوستا، إيسكو أقرب إلى كوكي، ودي ماريا يشبه أردا توران. الفكرة هي اللعب بخطين في الدفاع، رباعي خلفي ثم رباعي الوسط من أجل إغلاق كافة المساحات بين الخطوط Between Lines .
مع الاستفادة من المرتدات السريعة وتحويل إستراتيجية اللعب من المبادرة Proactive إلى ردة الفعل Reactive وهذا ما حدث، الريال يقف في مناطقه وبمجرد قطع الكرة، تمريرة إثنين ثم إنطلاقة من الأطراف خلف دفاعات برشلونة على الأطراف .
برشلونة لعب بأربع لاعبين في الوسط ولكن بطريقة 4-3-3 صريحة، سيسك في الوسط مع تشابي وخلفهم بوسكيتس، إنيستا جناح أيسر وميسي في العمق بينما نيمار على اليسار، مع رباعي الدفاع الذي تحول إلى ثنائي فقط مع تقدم ألفيش المبالغ فيه وصعود ألبا ثم أدريانو إلى الهجوم لمساندة إنيستا .
ويأتي السؤال، لماذا إذن إختار تاتا اللعب بأربع لاعبين وسط ما دام الفريق سيهاجم بشكل مبالغ فيه دون أي حساب ؟ كان الأولى هنا البدأ بسانشيز أو بيدور وتحويل نيمار إلى اليسار مع خروج السيء جداً كعادته سيسك، ولكن البداية دوماً خاطئة مع الأرجنتيني في الأشهر القليلة الماضية .
البارسا حاول بعدد تمريرات كبير وسيطرة مطلقة لكن دون خطورة كبيرة بسبب سياسة العرضيات الغير مبررة، وغياب ميسي ونيمار وقلة حركتهم في الثلث الأخير مع المساحات الشديدة خلف كلاً من تشافي وسيسك لدرجة أن بوسكيتس تحول إلى أسفل الدائرة وأصبح شكل الوسط أقرب إلى حرف V .
قوة البارسا دوماً في الـ Total Pivot أي المحور الشامل في الدفاع والهجوم كوحدة واحدة، ولكن هذه المرة أصبح الأمر أقرب إلى بوسكيتس في الخلف وأمامه ثنائي لا يعود أبداً إلى الدفاع، لذلك ظهر الرقم 16 بشكل سيء للغاية، صحيح أن مستواه في تراجع لكن أبداً لا يوجد فريق كبير يدافع بلاعب إرتكاز وحيد طوال المباراة !
ملخص المباراة يكمن في هذه الصورة، قاعدة أي فريق هجومي يدافع بثلاث لاعبين + لاعب إرتكاز 3 Defenders + Mid ولكن برشلونة في المباراة دافع بثنائي دفاعي وأمامهما بوسكيتس، لا وجود للأظهرة وإذا عاد ظهير غاب لاعب الإرتكاز وكأن هناك إتفاق على الدفاع بثنائي أو ثلاثي فقط أثناء المرتدات .
سر الفوز في التحولات Transition from Offense to Defense، البارسا يمرر كثيراً، يرفع كرات بالجملة، يراوغ ويحتفظ بالكرة لكن نفس الخطأ يتكرر، الكرة يتم فقدها وخلال ثلاث تمريرات يصل لاعب الريال إلى مرمى بينتو .
كرة الهدف الأول، إيسكو يخطف الكرة ثم تمريرة وأخرى إلى بنزيما الذي يتخلص منها سريعاً إلى المنطلق دي ماريا، من أقصي الجناج إلى أقصى الجناخ الآخر From Wing to wing وهدف كان يستطيع حارس المرمى تفاديه بكل سهولة لكن بينتو يفتقد إلى حساسية المباريات الكبيرة كثيراً .
تحسن البارسا كثيراً في الشوط الثاني بسبب فتح الملعب أكثر وخروج سيسك ونزول بيدرو، فابريجاس عالة على الفريق ولا يجيد أبداً خلق المساحات في المباريات المغلقة لذلك هو التعاقد الأفشل على الإطلاق لبرشلونة خلال السنوات الأخيرة.
بيدرو وضع نيمار في مكانه الطبيعي على اليسار وجعل ميسي أكثر تحرراً في العمق، أصبح البارسا يهاجم بثلاثي متحرك في الأمام Outlets مما أدي إلى تسريع وتيرة اللعب والتنوع بين التمرير والإختراق العرضي من الأطراف. نزول بيدرو أيضاً أجبر جاريث بيل على العودة كثيراً إلى الدفاع لمساندة كونتيراو خصوصاً مع دخول إيسكو أكثر إلى العمق لمساعدة لاعبي الإرتكاز .
البارسا نجح في إجبار الريال على فك طلاسم دفاعه لكن الغريب أن اللمسة الأخيرة كانت سيئة للغاية، والأغرب عدم لجوء الفريق إلى حلول أخرى كالتسديد من خارج المنطقة مثلاً، والكرة الوحيدة التي سدددها بارترا صنعت خطورة على مرمى كاسياس حارس الريال .
البارسا عانى من التشكيل الخاطيء لتاتا في البدايات، وتأثر كثيراً بإفتقاد الجهاز الفني للحلول خلال الفترات الحاسمة من الشوط الثاني، وهذا لا يمنع أبداً سوء مستوى معظم نجوم الفريق وعلى رأسهم ميسي، تشافي، ألفيس الذي فتح خلفه شوارع سجلت بإسمه في الهدفين .
صدق أو لا تصدق، برشلونة في حالة التعادل ويهاجم بتسع لاعبين كاملين مع الإكتفاء فقط بثنائي في الدفاع والنتيجة، تمريرة واحدة على الطرف إلى جاريث بيل الذي يتفوق فقط في مثل هذه المباريات بسرعته الغير عادية، يمر من بارترا الذي عانى كثيراً من الإصابة وفقاً لتصريحاته بعد المباراة ويصل إلى المرمى ليضع الكرة بكل سهولة وسلاسة بين أقدام بديل فالديس، بينتو .
هذا الهدف يلخص بوضوح فشل الآلية التي يلعب بها برشلونة سواء بالهجوم أو الدفاع، الأزولجرانا يهاجم بأكبر عدد ممكن من اللاعبين دون تنظيم، ويدافع بأقل عدد ممكن من اللاعبين، لذلك نجح أنشيلوتي في إستغلال هذه الأخطاء جيداً والإستفادة من أخطائه الأخيرة، صحيح عرض تكتيكي بدون أي إبهار، لكنه نجح في الحصول على الأهم، بطولة الكأس الأسبانية .
سيناريو الدقائق الأخيرة أراه كعقاب إلهى تجاه الإدارة الكاتلونية الفاشلة، هدف أكروباتي لبيل ثم ضياع فرصة غريبة جداً من نيمار، ويكفي رد فعل كاسياس تجاه العارضة قبل دقائق من إنهاء المباراة. فترات مجنونة وكأن القدر يوجه رسالته الأخيرى إلى هؤلاء الفشلة ليقول لهم،
إرحلوا !
في النهاية، مباراة كثرت فيها الأخطاء وزادت فيها الحماسة خصوصاً في الأمتار الأخيرة، مليون مبروك لريال مدريد بطل الكأس الجديد، وهاردلك لبارسا .